اخبار

شباب على أعتاب برلمان ٢٠٢٥ : بين غياب الفرص وحتمية المشاركة»

خدمات متفصلة عليك قدم علي قرض المشاريع المتوسطه والصغيره ومتناهية الصغر علشان تبدأ أو تكبر مشىوعك

«شباب على أعتاب برلمان ٢٠٢٥ : بين غياب الفرص وحتمية المشاركة»

بقلم : محمد النويشي

يوما ما ... اسمك كل الناس عارفاه تمويل المشروعات 5 مليون 5 مستندات . 5 ايام يوما ما ... اسمك كل الناس عارفاه تمويل المشروعات 5 مليون 5 مستندات . 5 ايام

تشكل المشاركة السياسية للشباب إحدى الركائز الجوهرية لأي تجربة ديمقراطية تسعى إلى النهوض والاستقرار.
فالشباب ليسوا مجرد فئة عمرية عابرة في مسيرة الأوطان، بل هم عماد الحاضر وصنّاع المستقبل، يمتلكون الطاقات المتدفقة والرؤى المتجددة، ويختزنون في داخلهم القوة الكامنة القادرة على إعادة تشكيل ملامح المجتمع إذا أُتيح لهم المجال.
ومن هنا فإن أي نظام سياسي يغفل هذه الحقيقة، أو يضع الشباب في مقاعد المتفرجين، إنما يغامر بمستقبل الأمة ويصادر حقها في الحياة الكاملة.
ورغم أن مصر – على سبيل المثال – تضم أغلبية شبابية واضحة بنسبة 20% من الفئة العمرية بين 18 إلى 29 عاماً، فإن الواقع السياسي يكشف عن فجوة مقلقة بين حجم الطموحات المعلّقة على هذا الجيل وبين المساحة الفعلية الممنوحة له داخل دوائر صناعة القرار.
فلا تزال نسب تمثيل الشباب في المجالس النيابية محدودة، ولا تزال مواقع القيادة الحزبية والتنفيذية محتكرة إلى حد كبير من وجوه تقليدية تدور في فلك حسابات ضيقة، فتغلق الأبواب في وجه الطامحين، وتتركهم يتساءلون : متى يحين دورنا؟
هذه الفجوة لا تمر بلا ثمن، إذ تُفرز حالتين متناقضتين؛ الأولى إحباط ولا مبالاة تدفع بعض الشباب إلى العزوف عن المشاركة، والثانية نزوع إلى البحث عن بدائل خارج الأطر السياسية التقليدية، وهو ما يهدد بخلق مسارات موازية بعيدة عن المؤسسات الشرعية، وربما مناقضة لها.

معوقات متشابكة

إذا دققنا النظر في جذور الأزمة سنجد أن المعوقات متعددة ومتداخلة.
تبدأ من ضعف الوعي السياسي الذي هو في الأصل نتاج غياب التثقيف المنهجي سواء في المناهج التعليمية أو في الأنشطة المجتمعية.
ثم تأتي الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجعل همّ المعيشة اليومية يغلب على الانشغال بالشأن العام، فلا يجد الشاب ما يكفيه من الوقت أو الجهد ليكرسه للعمل السياسي.
ويضاف إلى ذلك الصورة السلبية التي ترسخت لدى كثير من الشباب عن السياسة باعتبارها “حلبة صراع” لا مكان فيها للأفكار المستقلة أو المبادرات الحرة، بل مجرد مقاعد يتصارع عليها أصحاب النفوذ والمال.
وهذه النظرة، وإن لم تكن مطلقة الصحة، إلا أنها تجد وقودها في ممارسات واقعية لا يمكن إنكارها.

https://www.facebook.com/share/YKgyeWm92MFj1c3o/?mibextid=qi2Omg تمويل العربيه عندنا والبنزين علينا هديه تصل إلي 10.000جنيه بنزين

ضرورة وطنية لا خيار

https://www.facebook.com/share/YKgyeWm92MFj1c3o/?mibextid=qi2Omg

غير أن الحقيقة الأعمق هي أن مشاركة الشباب ليست خياراً ترفياً ولا مطلباً جانبياً، بل ضرورة وطنية لا غنى عنها.
فالحياة السياسية التي تخلو من صوت الشباب تفتقد التنوع والحيوية، وتفقد بالتالي قدرتها على التجديد الذاتي.

إن إدماج الشباب في البرلمانات والأحزاب ليس مجرد استجابة لضغوط اجتماعية، بل هو ضمانة لاستمرارية النظام السياسي ذاته.

فالأفكار الجديدة والدماء المتدفقة هي التي تحفظ للمؤسسات حيويتها وتجعلها قادرة على مواجهة تحديات المرحلة.

الانتخابات البرلمانية المقبلة – في مصر وغيرها من الدول – تمثل اختباراً صارخاً لمدى جدية القوى السياسية في تمكين الشباب.

فإذا ظل حضورهم شكلياً، أو اقتصر على مواقع هامشية، فسوف نخسر فرصة ثمينة لإعادة بناء الثقة بين الجيل الجديد والمؤسسات الرسمية.

أما إذا مُنحوا المكانة التي يستحقونها، فإن المجلس النيابي القادم قد يشكل نقطة تحول حقيقية في بنية العمل الديمقراطي، ويعيد رسم معادلة المشاركة من جديد.

الأحزاب بين المسؤولية والتحدي

وفي هذا السياق يبرز الدور المحوري للأحزاب السياسية، فهي البوابة الطبيعية لولوج الشباب إلى الحياة العامة.
وعليها أن تتحرر من عقلية «التمثيل الرمزي» إلى عقلية «التمكين الفعلي»، وذلك عبر فتح قوائم الترشح أمام الكفاءات الشابة، وتزويدها بالتأهيل اللازم، وإشراكها في صناعة القرار لا كمجرد ديكور سياسي، بل كفاعلين حقيقيين.
غير أن الواقع الحزبي الحالي لا يبشّر بتحول حقيقي في هذا الاتجاه.
فلا يوجد حتى اليوم حزب يمنح الشباب الفرصة الكاملة للقيادة أو يفتح أمامهم المجال بجدية للمنافسة على المقاعد البرلمانية.
الأمر – في أغلب الأحيان – يتوقف على الدعم المادي لا على الكفاءة أو القدرة.
وأصبحت الساحة الحزبية، في معظمها، تُدار بمنطق “من يملك المال يملك الفرصة”، بينما تُهمَّش الطاقات الواعدة التي لا تمتلك سوى فكرها وعلمها وحماسها.
إن غياب العدالة في توزيع الفرص داخل الأحزاب، والاكتفاء بتلميع أسماء بعينها، يفرغ العملية السياسية من مضمونها، ويُفقد الشباب الثقة في جدوى المشاركة.
إن هذه الأزمة ليست مجرد خلل تنظيمي، بل تعبير عن خلل في الفكر والممارسة، لأن الحزب الذي لا يصنع قادته من صفوفه، ولا يمنح شبابه المساحة للنمو والتعبير، إنما يحكم على نفسه بالجمود والموت البطيء.
لكن التمكين الحقيقي لا يقف عند حدود الترشيح، بل يمتد إلى بناء الكادر وتأهيله.

فالشباب في نظر الأحزاب الواعية ليسوا “زينة إعلامية” أو أرقاماً في بيانات صحفية، وإنما مشروع قيادات مستقبلية يجب أن تُصقل بالعلم والخبرة، وأن تُعطى الفرص المتدرجة لاكتساب المهارات البرلمانية والحزبية والإدارية.

استثمار الطاقات قبل أن تُهدر

إن مصر – وسائر المجتمعات العربية – بحاجة ملحة اليوم إلى استثمار طاقات شبابها في المجال السياسي.
فبدونهم لن يكون هناك تجديد حقيقي، ولن تترسخ الديمقراطية على أسس متينة.
والأخطر من ذلك أن تجاهلهم يفتح الباب أمام قوى اللامبالاة أو التطرف لتملأ الفراغ.
ومن هنا فإن المطلوب من الشباب أن يتقدموا بثقة، وأن يخلعوا عن أنفسهم ثوب التردد والخوف.
فالمستقبل لا يُمنح وإنما يُنتزع، والحقوق السياسية لا تأتي على طبق من فضة، وإنما تُنتزع بالنضال السلمي الواعي، وبالعمل المنظم داخل مؤسسات المجتمع.
وفي المقابل، فإن على الأحزاب – جميعها بلا استثناء – أن تراجع سياساتها تجاه الشباب، وأن تدرك أن التمكين ليس منحة تُعطى، بل مسؤولية وطنية يجب الاضطلاع بها.
فمن دون تمكين حقيقي، سنظل ندور في حلقة مفرغة، حيث يتكرر الوجوه وتتبدل الشعارات ويبقى الشباب خارج المشهد.

خاتمة : على أعتاب مرحلة فاصلة

إن الحديث عن «شباب على أعتاب البرلمان» ليس مجرد عنوان لمقال، بل هو توصيف دقيق لمرحلة تاريخية حاسمة.
فالأمة تقف الآن على مفترق طرق : إما أن نغلق الأبواب في وجه الجيل الجديد فنكرر أخطاء الماضي ونكرس القطيعة، وإما أن نفتحها على مصاريعها فنؤسس لشراكة حقيقية تُعيد الثقة وتُجدد الدماء في شرايين الحياة النيابية والسياسية.
إن مسؤولية الدولة أن تهيئ المناخ القانوني والمؤسسي لذلك، ومسؤولية الأحزاب أن تتبنى الشباب لا كشعارات وإنما كمشروعات بناء.
أما مسؤولية الشباب أنفسهم فهي أن يؤمنوا بأنفسهم، وأن يترجموا إيمانهم إلى أفعال، وأن يثبتوا أنهم جديرون بالموقع والمقام.
لقد آن الأوان أن ننتقل من الحديث عن «تمكين الشباب» إلى واقع ملموس يُترجم في المقاعد النيابية والقيادات التنفيذية.
فالشباب هم الذين يملكون الشجاعة لكسر الجمود، والقدرة على اقتحام التحديات، والخيال لابتكار الحلول.
وإذا لم يكن البرلمان ساحة لهم، فأين تكون الساحة إذن؟
إن المستقبل يبدأ بخطوة، والخطوة الأولى هي أن يؤمن الجميع – دولة وأحزاباً وشباباً – بأن المشاركة السياسية للشباب ليست ترفاً، وإنما قدر محتوم، وحتمية تاريخية لا بد أن تتحقق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى